Osman Naway Post

Osman Naway Post
لكل الكتاب وخاصة الشباب ارحب بنشر مقالاتكم على المدونة فقط راسلونى على الايميل nawayosman@gmail.com

السبت، مارس 24، 2012

الخرطوم تشهر سلاح الجوع ضد لاجئي النيل الأزرق لتركيع جنوب السودان


 
منتقدو الخرطوم يؤكدون أن حملة القصف في النيل الازرق متعمدة بغية تجويع وتشريد المدنيين وحرمان الميليشيات من شبكة دعم.
 
ميدل ايست أونلاين

مخيم دورو (جنوب السودان) - من هيروارد هولاند

كارثة إنسانية تلوح في الأفق
كانت الطفلة اسلام موسى البالغة من العمر عامين ترقد في السرير رقم ستة بينما أرضعتها جدتها زينة بادي حليبا عبر أنبوب.
والاثنان من بين عشرات اضطروا للنزوح عن ديارهم في ولاية النيل الأزرق السودانية وعبور الحدود إلى مخيم دورو للاجئين في جنوب السودان بعد أن حاصرهم الجوع والقصف الجوي. وقالت بادي إنهما كانتا تقتاتان لشهور على أوراق الاشجار وجذوعها.
وقالت زينة في خيمة طبية رقدت فيها حفيدتها "جاء جنود الحكومة وطاردونا للخروج من قريتنا واستولوا على الذرة البيضاء الخاصة بنا.. اختبأنا في الغابة".
وتختصر محنة إسلام وزينة مآسي حرب تعاني منها ولايات حدودية سودانية منذ انفصال جنوب السودان في الصيف الماضي الأمر الذي يلقي ضوءا على صراع يعقد جهود حل قضايا مثل تقاسم عائدات النفط بين السودان وجنوب السودان.
وكان انقسام السودان يطغى على القتال في أول الامر لكن الولايات المتحدة وناشطون مثل الممثل العالمي جورج كلوني أعادوا لفت الانظار الى الصراع.

وصعوبة دخول المناطق الحدودية تجعل من الصعب تقييم آثار الحرب بشكل دقيق لكن تقديرات الامم المتحدة تشير الى أن أكثر من 410 ألاف شخص فروا من منازلهم في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وولاية أخرى.
ويقول عاملون في مجال المساعدات ولاجئون في مخيم دورو الذي فر إليه 45 ألف شخص إن من المرجح أن تنفد مخزونات الغذاء في النيل الأزرق في الاسبوعين المقبلين.
وقال سيلا موسى المشرف على مخيم دورو "إنها منطقة حرب الان.. التجار لا يذهبون إلى هناك. لا يوجد شيء يأتي من الخارج. وما يوجد لدى الناس هناك ينتهي الان.. يعتمدون على جذور الاشجار وثمارها".
وقدر موسى وهو مفوض سابق لمنطقة كورمك في النيل الأزرق أن ما يصل إلى مئة ألف شخص ربما يكونون محاصرين في الولاية وغير قادرين على مغادرتها لانه لا يمكنهم حمل حاجتهم من الطعام والماء خلال رحلة تستمر شهرا.
ومثل كثيرين من منتقدي الخرطوم قال موسى إن حملة القصف متعمدة بغية التجويع وتشريد المدنيين وحرمان الميليشيات من شبكة دعم.
وأضاف "أصبح مثل سلاح لانه إذا لم يأكل الناس فانهم سيموتون. والامر نفسه ينطبق على إشهار مسدس فإنك ستقتل الشخص.. لا يوجد فرق".
وينفي السودان بانتظام هذه الاتهامات ويقول إن القوات المسلحة السودانية تعمل لحماية المدنيين وإن المتمردين هم المسؤولون عن أي معاناة إنسانية.
وتنفي الخرطوم أيضا مخاوف من وقوع مجاعة وشيكة. ووصف دفع الله الحاج علي عثمان سفير السودان في الأمم المتحدة الوضع الانساني في جنوب كردفان والنيل الأزرق بأنه "عادي للغاية".
وقالت الامم المتحدة العام الماضي إنها أحرزت قدرا من التقدم في محادثات مع السودان بشأن تسليم المزيد من المساعدات لجنوب كردفان لكنها أضافت أنها تريد السماح بدخول المزيد من الاشخاص.
ودفع القصف في النيل الازرق والاوضاع المزرية في مخيمات اللاجئين الكثير من الشبان إلى التفكير في الانضمام إلى صفوف المتمردين.
وقال ناثانيال يحيي (26 عاما) "لم يعد هناك شيء" وأضاف "نحن الشبان غاضبون للغاية الان لان الآباء والامهات ليسوا في وضع جيد".
ووصف يحيي حقوله الزراعية عبر الحدود وقال إن طائرات انتونوف كان تقصفها ليلا ونهارا.
وقال "بسبب طائرات الانتونوف يريد الجميع الان أن يساعد (المتمردين) حتى يمكنهم القتال معا حتى يمكن للناس العودة إلى ولاية النيل الأزرق".
وترجع جذور الحروب في النيل الأزرق وجنوب كردفان إلى عقود مثلما هو الحال مع معظم الصراعات في السودان. وحارب عشرات الالاف من المقاتلين في الولايتين مع الجنوب أثناء حرب أهلية اندلعت ضد الخرطوم عام 1983.
وأنهت اتفاقية سلام عام 2005 القتال ومهدت الطريق أمام تقسيم السودان في يوليو/تموز لكن الولايتين لا تزالان جزءا من الشمال.
وقدمت الاتفاقية لسكان الولايتين "استشارات شعبية" لتحديد طريقة تعاملهم مع الخرطوم لكن هذه المحادثات لم تستكمل قط.
وفي يونيو/حزيران بدأ الجيش الشعبي لتحرير السودان قطاع الشمال في قتال القوات الحكومية بجنوب كردفان. ويتكون الجيش من كتيبة سابقة في جيش المتمردين الجنوبي. وكانت قوات أخرى تابعة للجيش ومؤيدة لمالك عقار حاكم ولاية النيل الازرق قد لجأت إلى غابات عندما وصل القتال إلى الولاية في سبتمبر/أيلول.
وتتبادل الخرطوم وجوبا الاتهامات مرارا بدعم المتمردين على جانبي الحدود منذ ذلك الحين الأمر الذي عرقل محادثات حول قضايا عالقة مثل المبلغ الذي يتعين على الجنوب دفعه لاستخدام البنية التحتية النفطية في السودان.
واكتسبت المحادثات أهمية أكبر في يناير/كانون الثاني عندما أوقفت جوبا انتاجها النفطي الذي يصل إلى نحو 350 ألف برميل يوميا بعد أن بدأت الخرطوم في استغلال بعض النفط لتعويض ما وصفتها بأنها رسوم لم تدفع. وإنتاج النفط الخام هو شريان الحياة للدولتين.
وتتهم جنوب السودان جارتها الشمالية منذ ذلك الحين "بسرقة" أكثر من ستة ملايين برميل نفط وقصف بئر نفطية قريبة من حدودهما المشتركة وتنفي الخرطوم هذا الأمر.
وبعد شهور من العداء من المقرر أن يجتمع رئيسا السودان وجنوب السودان في محاولة لانهاء حالة الجمود.
ويقول محللون إن أي اتفاق سيتوقف على موافقة الجانبين على ما يقولان إنها حروب بالوكالة أدت إلى تشريد عشرات الالاف مثل الطفلة اسلام وجدتها.
ويبدو أن بعض التقدم أحرز في المحادثات في الاونة الاخيرة إلا أن المراقبين للشأن السوداني يتوخون الحذر بشأن ازدياد الامال بالتوصل لاتفاق.
وقال علي فيرجي وهو محلل في مؤسسة معهد ريفت فالي البحثية ومقرها نيروبي "لا أعتقد أنهم سيمضون قدما في القمة إذا لم يكن هناك زخم إلى الامام في القضايا العالقة ".
وكان كلوني قد اعتقل أمام السفارة السودانية في واشنطن الاسبوع الماضي أثناء سعيه لجذب الانتباه إلى حملة القصف.
وأثنى بعض الناشطين على الممثل الشهير لنشره الوعي بشأن صراع مازال غامضا بالنسبة لكثير من الغربيين. لكن ناشطين آخرين انتقدوا تصوير كلوني المبسط كثيرا للصراع على أنه استهداف النخبة العربية الحاكمة في السودان لأفارقة سود.
وهناك مخاوف من أن تضر جهود كلوني التي تهدف إلى حمل الولايات المتحدة للضغط على الخرطوم لانهاء المأساة بالمحادثات في مرحلة حرجة حيث أصبح من الصعب على واشنطن المساعدة في التوسط للتوصل إلى اتفاق.
وبغض النظر عن نتائج جهود المشاهير في هذا الصدد فإن الوعي الدولي جاء متأخرا كثيرا بالنسبة للطفلة اسلام.
فبعد ثلاثة أيام من إجراء المقابلة مع جدتها.. توفيت إسلام لتصبح مجرد رقم جديد على لوحة مرفوعة في مخيم دورو للاجئين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق